-->
مجلة شافا مجلة شافا

المشكــلات البيئية وانعكاســاتها بالمغرب

ارتبط التطور الحضاري للإنسان بمستوى تطور استغلاله لمختلف الموارد البيئية و الثروات الطبيعية، و كان تأثير الإنسان على البيئة محدودا لا يكاد يذكر في العصور الأولى من حياته على الأرض حيث لم تكن مشكلة تلوث البيئة و استنزاف مواردها واضحة، إذ كانت البيئة قادرة على امتصاص الملوثات في إطار التوازن البيئي الطبيعي، إذن فظاهرة تلوث البيئة و استغلالها ظاهرة قديمة لازمت وجود الإنسان على سطح الأرض، إلا أنها لم تكن تلفت الأنظار إليها فيما مضى نظرا لقلة الملوثات و قدرة البيئة على استيعابها.

غير أن هذا الوضع قد تغير مع تطور الحياة و المجتمعات، و خاصة مع بداية الثورة الصناعية و دخول الإنسان عصر التطور العلمي و التكنولوجي الكبير في مختلف مناحي الحياة، و بالنظر إلى التأثير السلبي للتنمية الصناعية و الحضرية و كذا سوء استغلال الموارد الطبيعية و سرعة إستنزافها أصبحت ظاهرة التدهور التي تصيب مختلف العناصر البيئية من ماء و هواء و تربة و تنوع بيولوجي واضحة بشكل بارز، و لم تعد البيئة قادرة على تجديد مواردها الطبيعية ومن ثم اختل التوازن بين مختلف العناصر البيئية، و أصبحت هذه العناصر عاجزة عن تحليل المخلفات و النفايات الناتجة عن النشاطات المختلفة للإنسان .

ولقد اعتبر التدهور البيئي و لمدة طويلة أثر حتمي للتقدم الصناعي و التكنولوجي، أو أنه نوع من الثمن الذي يجب دفعه مقابل ما تحقق من تقدم، و كان الحديث عن حماية البيئة من هذا التدهور يعد نوعا من الترف، و لم تتفطن البشرية للآثار السلبية للتدهور البيئي إلا مع النصف الثاني للقرن العشرين على إثر مجموعة من الكوارث البيئية التي هزت العالم، الأمر الذي أدى إلى زيادة الاهتمام بشكل متصاعد بالقضايا البيئية و على كافة المستويات، حيث أضحت البيئة أحد الرهانات المعاصرة ذات الارتباط الوثيق بالتنمية و النشاط الاقتصادي.

 

إن المغرب كغيره من دول العالم تئن بيئته تحت وطأة الواقع المر المتمثل في  التلوث الصناعي الطبيعي في المجال الحي والمجال البيولوجي والجيولوجي حيث طال التلوث الصحة، الحيوان، النبات، الماء، الجو، التصحر، البحر، الغابة والمدينة حيث تعاني بيئتة من الكثير من المشاكل و التحديات، و التي يمكن ذكرها على سبيل المثال لا الحصر على الشكل التالي:

- التلــوث والاستنــزاف

تلوث الهواء بالغازات والمحروقات المنبعثة من وسائل النقل العمومية والخاصة وتزيد الحالة الميكانيكية المتدهورة من الكميات المنقولة إلى المجال الأخضر تلوث الهواء بواسطة الصناعات المنتشرة داخل الأحياء.

تلوث الهواء بالروائح الكريهة والجراثيم المنبعثة من النفايات الصلبة المتناثرة على قارعة الطريق والمتراكمة على الواد وبالنقط السوداء.

تسارع وثيرة التزايد السكاني وتنامي حركة التمديد العمراني بشكل ملفت ومستمر نتيجة لزيادة التكاثر الطبيعي في الوسط الحضري ونتيجة للهجرة القروية المكثفة. كل ذلك ينعكس على الوضع البيئي وتنتج عنه مظاهر عديدة للتلوث خصوصا اذا وضعنا في الاعتبار ضعف وتقلب الموارد المائية لان نقصان الماء النقي يرغم الناس على استعمال الماء الملوث الذي يهددهم بأخطار صحية، ويهدد بيئتهم بالتلوث، ولا ينحصر التلوث في المياه الصالحة للشرب، بل يمكن أن يصيب جميع أنواع المياه السطحية والجوفية والبحرية.

ولتلوث المياه في بلادنا عوامل عديدة، نذكر منها على الخصوص، قارية المناخ بالمناطق الجنوبية، حيث الحرارة المرتفعة وقلة الأمطار، أو تقارب احتياطات المياه الجوفية من المناطق الجبصية والملحية، والأنشطة الصناعية كالصناعات الكيماوية والنسيجية والميكانيكية والكهربائية، وشبكة التطهير وقنوات المياه الحارة، واستعمال المواد الكيماوية بمقادير غير مضبوطة فتتسرب إلى المياه الجوفية.

وتؤكد الدراسات أن تلوث مياه حوض نهر أم الربيع تسببه المياه المستعملة في بني ملال والفقيه بنصالح ووادزم، حيث توجد مصانع السكر والحليب والزيتون والحوامض والدواجن والقطن...الخ. كما أن تلوث مياه حوض نهر سبو تسببه شبكة التطهير والمياه المستعملة التي تصب فيه أزيد من:1.500.000 شخص يعيشون حوله، بالإضافة إلى نفايات المصانع وفضلات المعامل التي تلقى في مياهه.

إن التلوث الذي تسببه بعض المصانع والمعامل لمياه الوديان والأنهار يؤدي إلى هروب الأسماك وانقراضها، فسمك الشابل مثلا بعد أن كان إنتاجه بمنطقة سبو يصل إلى 263.395 كلغ سنة 1969، أصبح إنتاجه سنة 1983 لا يتعدى 46.951 كلغ فقط. وكذا تعرض الثروة الغابوية الوطنية لأضرار بليغة ناتجة عن سوء ممارسة حقوق الاستغلال، وإقدام قاطني الغابات على اقتلاع الأشجار بشكل سيئ وكذا اقتلاع مايناهز 6000 هكتار سنويا من الغابات من أجل تحويلها إلى أراضي زراعية، جعلت من ثروة الغابة تتقلص سنة بعد سنة ، وجعلت كثيرا من الأشجار تندثر وتنقرض، وجعلت مساحات الغطاء النباتي تنقص باستمرار، وفي دلك اختلال كبير في توازن البيئة واضطراب عوامل الحياة فيها. فكل سنة تنقص مساحة الغابة بحوالي :20.000 هكتار وتجرف حوالي 60.000 هكتار من التربة الصالحة، وخلال العشرين سنة الأخيرة ضاعت 40% من الأشجار في غابات الريف وحدها، ومن المتوقع أن يختفي عدد من أنواع الأشجار من بينها الفلين وأركان وهذا النوع الأخير يتميز به المغرب وحده، عن باقي دول العالم.

غير أن هناك مخاطر جمة تتهدد الثروات البيئية، ترجع بالأساس إلى تعدد الأنشطة البشرية، ذلك أن التزايد الديموغرافي، من جهة، والتنمية الاقتصادية على حساب الموارد الطبيعية، من جهة أخرى، يؤديان إلى إفقار هذا التنوع البيئي. لذا فان نسبة 25%  من الأنواع النباتية مهددة بالانقراض (1700 صنف نباتي) وحوالي 600 نوع حيواني بلغت حد عدم التوالد، مما يضعها في لائحة الأنواع السائرة في طريق الانقراض وفي السياق ذاته، يظل النبات والوحيش الموجود في البحر والمياه العذبة مهدد بدوره، حيث يتجلى ذلك بوضوح من خلال النقص الحاصل في موارد الصيد البحري.

هذا ويزداد الوضع البيئي تدهورا بسبب التعرية، حيث أن ما يناهز 5،12 مليون هكتار من الأراضي الزراعية أصبحت عرضة للتعرية بسبب هشاشتها وتركيبتها، دون أن ننسى خطر التصحر الذي يهدد بشكل أساسي حول 30.000 هكتار من النخيل إضافة إلى الأخطار التي تواجه ثروتنا البحرية.

التعليقات



إتصل بنا

أقسام المدونة

شــــــافا - CHAFAA

تواصلوا معنا عبر البريد الإلكتروني الخاص بالمجلة:
Chafaa.org@gmail.com

أو راسلونا على صفحتنا الرسمية على الفيسبوك:
Chafaa.org@

أرشيف المدونة الإلكترونية

جميع الحقوق محفوظة

مجلة شافا

2020